د. هانى مهنى يكتب : أطباء اسيوط والحبس بتهمة ممارسة المهنه.
2017-09-26 00:00:00
يوم اخر عادي داخل اروقه مستشفيات جامعة اسيوط ، طفله تبلغ من العمر تسع سنوات تدخل عمليات الطوارئ لتثبيت كسر بالساعد ، يبدأ أطباء التخدير عملهم كما تعودوا علي مدار سنوات وكما يفعلون يوميا مع مئات الحالات وبعد قليل تبدأ اعراض ارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الطفله وتيبس شديد في العضلات ، ليتم نقل الطفله فورا للعنايه المركزه ولكنها تتوفي متأثرة بما يسمي الحمي الخبيثه
" malignant hyperthermia"
و التي تصنف طبيا كمرض وراثي ينتقل من الاب او الام لاطفالهم وعند إستنشاق المريض ادويه التخدير قبل إجراء ايه جراحه ترتفع درجه حراره الجسم فجأه الي مايزيد عن 40 درجه مئويه مع سرعه في ضربات القلب وزياده في حمضيه الدم ثم الوفاه.
أطباء التخدير الذين قاموا بتخدير الطفله يقضون حاليا فترة حبس 15 يوما على ذمه التحقيق ، التحقيق الذي كان من المفترض ان يتم والأطباء يمارسون عملهم لأنه لن يستطيع اي طبيب ان يتنبأ بتلك الحاله النادره او يتفاداها مهما بلغت درجة مهارته.
فالطبيب هو انسان وليس بساحر و قدراته محدوده طبقا للإمكانيات المتاحه ، ومن الواجب هنا ان ننبه بأن تكرار حبس الأطباء في قضايا المسؤوليه الطبيه شجع اغلب شباب الأطباء علي الإتجاه للتخصصات الطبيه التي لاتنطوي علي اي خطر او مسؤولية جراحيه مما يهدد بزيادة العجز في تلك التخصصات التي يوجد بها عجز كبير من الأساس.
إن محاسبه الأطباء علي أخطاء المهنه يجب ان تكون ذات طابع خاص فليس من المنطقي ان يحاسب الطبيب كأي جاني بتهمه القتل وخصوصا ان المراجع الطبيه العالميه زاخره بالحالات النادرة ناهيك عن نسبة المضاعفات الطبيه المعترف بها عالميا في كل التخصصات .
يذكر ان نقابة الأطباء قد قدمت بالفعل منذ مايزيد عن العام لمجلس النواب مشروع قانون المسؤولية الطبيه ولكنه لايزال حبيس الأدراج حيث لم يتم طرحه للمناقشه حتي الان ، و يعتبر قانون المسؤولية الطبيه هو الحل الوحيد الذي يضمن للطبيب محاكمه عادله فيما يتعلق بالمسؤولية الطبيه المتعلقه بممارسته للمهنه فليس من المعقول ان يدفع الطبيب من حريته ثمنا لخلل جيني وراثي ليس له فيه اي ذنب لمجرد انه قرر ان يجري لمريض جراحه لتخفيف الآمه.
رحم الله الطفله وألهم أهلها الصبر والسلوان، كل التضامن والدعم لأطباء أسيوط ونعم لقانون المسؤوليه الطبيه حتي يتوقف الحبس بتهمه ممارسة المهنه.